منذ أن دخل حلبة السياسة لم أجد نفسي متعاطفاً مع أحمد الفهد مثلما كنت متعاطفاً معه يوم الثلاثاء.. ورغم ذلك، سعد العجمي غير منصدم من موقف 'الثلاثي الكوكباني'

زاوية الكتاب

كتب 3907 مشاهدات 0



الثلاثي الكوكباني!


سعد العجمي
 

«ولد الفن في اليمن، وشبّ في مصر، وشاب في العراق»… ويضيف أحد الظرفاء “أنه انتحر في السودان”، مقولة أسمعها كثيراً لكنني لا أعلم إن كانت فعلا تشّخص حال الفن أم لا، أما قناعتي الشخصية فهي أن الطرب العدني من أروع ما يمكن لك سماعه لرقة كلامه وعذوبة ألحانه وتنوع مفرداته.
وما دمنا نتحدث عن الفن اليمني، فإنني ما زلت أذكر فرقة “الثلاثي الكوكباني” الغنائية، تلك الفرقة الجميلة أداء، والغريبة والمضحكة شكلاً نظرا لتفاوت طول أعضائها، فالأول طويل جداً والثاني متوسط والثالث قصير القامة، وهم بالمناسبة يشبهون إلى حد كبير فرقة الثلاثي الكوكباني الكويتية التي جعلت من “قاعة عبدالله السالم” مسرحاً لتقديم وصلاتها السياسية!
الفرقة الكويتية وضع بذورها الشيخ أحمد الفهد منذ أول حكومة دخلها حتى خروجه من الحكومة الثانية التي شكلها الشيخ ناصر المحمد عام 2006 بعد الانتخابات التي جرت على خلفية أزمة الدوائر وحل المجلس، واجتهد الرجل في سقياها ومدها بـ”الأسمدة” العضوية والكيميائية، ودعمها في كل انتخابات برلمانية تحسباً لأي معركة سياسية قد يضطر إلى خوضها.
لم يفاجئني تصويت نواب مثل زنيفر وعسكر والخنفور وآخرين في جلسة إحالة طلب استجواب الشيخ أحمد إلى التشريعية، ولم يصدمني تصويت “الثلاثي الكوكباني” وخيانتهم لولي نعمتهم وطعنه في ظهره، لأن “من يصنع المعروف في غير أهله… يكن حمده ذماً عليه ويندم”، والشيخ أحمد وضع زرعه في أرض “الثلاثي” المالحة. “جحا” و”الخطيب السابق” و”لا مانع” مكشوفون للأمة منذ وقت طويل، لكنهم “تفصخوا” في جلسة التصويت، وهناك فرق كبير بين الحالتين، والناس بالمناسبة قد تجد عذرا لمن كذب أو سرق أو اختلس، فالحاجة وظروف العيش تجبر الإنسان على ما يكره أحيانا، والنفس أمّارة بالسوء، لكنها- أي الناس- لا تعذر من غدر، فالغدر شيمة نكراء لا يقترفها إلا قليل المروءة ودنيء النفس.
أعود وأقول لم يصدمني تصويت “الثلاثي” فمن تنازل عن كرامته ورضي أن يكون سلعة بدلاً من أن يكون نائباً حر الإرادة، فإنه سيبيع نفسه لمن يدفع أكثر لأنه في النهاية سلعة تباع وتشرى، والسلعة لا صاحب لها ولا حبيب، لأنها لا تملك إرادتها، فالقيمة المدفوعة فيها هي التي تحدد من يملكها.
منذ أن دخل حلبة السياسة لم أجد نفسي متعاطفاً مع أحمد الفهد مثلما كنت متعاطفاً معه يوم الثلاثاء، فلا إسناد حكوميا له، ولا دعم نيابياً، وحتى منصة الرئاسة لم تكن منصفة معه، وانقلاب نوابه القريبين منه عليه جعل عاطفتي الشخصية، لا القناعة السياسية، تنحاز إليه، فأنا أكره أن يتعرض أي أحد للخيانة والغدر، حتى إن كان خصما لك، فما لا تقبله على نفسك يجب ألا تقبله على غيرك.
على كل انتهت الجلسة بما انتهت به، إلا أنني اكتشفت أن أحمد الفهد رجل محظوظ، فما حدث في طلب الإحالة إلى اللجنة التشريعية كان سيصبح كارثياً عليه لو أنه حدث في جلسة مناقشة الاستجواب، بل إن ما يدلل على أنه رجل محظوظ، هو أن الناس والشارع والدواوين، نسيت ما دار بينه وبين الغانم والصرعاوي في الجلسة، وانشغلت بالحديث عن انقلاب نواب الحكومة.
عموماً، فإنني وإن كنت انتقدت موقف “الثلاثي” لابد من الإشادة بموقف النائبين سعدون حماد ودليهي الهاجري، اللذين سبق أن انتقدتهما في قضايا سابقة، لكن الحق والإنصاف يحتم عليّ القول إنهما كانا وفيين لصديقهما أحمد الفهد، حتى إن اختلفنا حول هذا الوفاء، أتحدث هنا من منطلق الرجولة والشهامة والفروسية لا من منطلق السياسة والقناعة والمبدأ.

الجريدة

تعليقات

اكتب تعليقك