'الجيش المصري يسعى لتوجيه قضية ضد مرسي'
عربي و دولياسوشيتدبرس: تحقيقات شاملة حول اعماله الداخلية كرئيس وحول جماعة الإخوان
يوليو 29, 2013, 11:15 ص 2901 مشاهدات 0
يشكّل الاستجواب الجنائي في مصر والموجّه ضد الرئيس المعزول محمد مرسي الذي أُعلن عنه يوم الجمعة الماضي مجرد بداية لتحركات قانونية أوسع نطاقا ضده وضد جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي لها، وهو ما ينذر بمآلات مشؤومة على بلاد تسودها حالة شديدة من الانقسامات العنيفة.
وتعرّض مرسي خلال ثلاثة أسابيع من الاعتقال في مكان سري إلى تحقيقات شاملة أجرتها مخابرات الجيش حول أعماله الداخلية كرئيس وحول جماعة الإخوان، وذلك سعيا لإثبات ارتكابه لجرائم تتضمن تسليم أسرار الدولة إلى جماعة إسلامية، حسب ما صرح مسؤولون عسكريون لوكالة أسوشيتد برس.
ومخابرات الجيش هي الجهة الوحيدة القادرة على مقابلته والتحقيق معه بما لا يقل عن مرة واحدة في اليوم، وتصل ساعات التحقيق أحيانا إلى خمس ساعات، كما ذكر المسؤولون. وقد قدّموا له خلالها تسجيلات صوتية لمحادثات أجراها سابقا لاستجوابه عنها كما قالوا.
وأضافوا علاة على ذلك أن مرسي حُرم من مشاهدة التلفاز أو قراءة الصحف. وأنه نُقل أثناء ذلك ما بين مرافق وزارة الدفاع ثلاث مرات على الأقل تحت حراسة مشددة في عربات مدرعة، وهو يوجد حاليا بمقر يقع خارج القاهرة، كما ذكروا دون تحديد ذلك على وجه الدقة.
ويبدو أن الجيش لم يتخذ قرارا حتى الآن حيال ما يتوجب عمله بالمعلومات التي يعمل على تجميعها، إلا إن المسؤولين هناك ذكروا أنها قد تستخدم لتحريك دعوى مدنية قضائية قائمة بالفعل حاليا، أو لاتهام شخصيات أخرى من جماعة الإخوان المسلمين، أو لتبرير الإقدام على خطوة أشد وأقسى، ألا وهي إعادة حظر جماعة الإخوان المسلمين ذاتها.
وكانت الجماعة قد تعرضت للحظر لعقود، لكنها أخذت شكلا شرعيا بعد سقوط مبارك، ونُظر إليها بشكل واسع على أنها صاحبة السلطة وصانعة القرار الحقيقية خلف مرسي خلال مدة رئاسته التي استغرقت زهاء السنة. إلا إن كلا من مرسي والجماعة ينفيان أنها لعبت أي دور في ذلك.
وذكر أحد المسؤولين العسكريين الذي يدرك تفكير القيادة العسكرية 'إننا سمحنا بأن يوضع مبارك تحت المحاكمة وهو واحد منا، فلا يوجد ما يمنعنا إذًا من القيام بهذا'. وكان مبارك ضابطا بالقوات الجوية عُرض للناس على أنه بطل من أبطال الحرب قبل أن يُنصّب رئيسا عام 1981. وبعد خلعه في عام 2011، حوكم بتهمة قتل المتظاهرين.
ومنذ أن قام في الثالث من يوليو القائد العام الفريق عبد الفتاح السيسي بتنحية مرسي، وهو أول رئيس منتخب انتخابا حرا في مصر، فإن الجيش احتجزه وعزله عن العالم الخارجي. وتحدث بذلك إلى أسوشيتد برس ستة من المسؤولين العسكريين والأمنيين المطلعين بما فيهم إثنين من المخابرات العسكرية، واشترطوا عدم الافصاح عن هوياتهم لعدم تخويلهم بمناقشة التحقيق الذي أجري خلف أبواب مغلقة.
وأعلن مدعون عامون مدنيون أنهم أجروا تحقيقا حول مرسي بتهمة القتل والتآمر مع منظمة حماس. ويتضمن متن القضية اتهامات تشير إلى أن مرسي والإخوان عملا مع حماس لتنفيذ هجوم على أحد السجون وهو ما أدى إلى فرار مرسي ونحو ما يقرب من 30 عضوا من أعضاء الجماعة خارج المعتقل خلال انتفاضة 2011 المعارضة لمبارك. وقُتل خلالها 14 سجينا في الهجوم.
ويعتبر هذا التحقيق خطوة أولى نحو توجيه اتهام ومحاكمة محتملة بناء عليه، وتصل عقوبة الاتهامات إلى الاعدام. وقد أمر محققو الادعاء العام باحتجاز مرسي 15 يوما على ذمة التحقيق، وذكر مسؤولون أمنيون بوقت متأخر من يوم الجمعة الماضي أنه من المرجح نقله قريبا إلى سجن مدني شديد الحراسة يقع جنوب القاهرة.
واشترط هؤلاء المسؤولون عدم الافصاح عن هوياتهم لعدم حصولهم على تخويل بالتصريح إلى وسائل الإعلام.
وتنفي جماعة الإخوان المسلمين ومنظمة حماس هذه الاتهامات وتصفها بأنها ذات دوافع سياسية. حيث صرح مرسي والشخصيات الإخوانية الذين تحرروا معه أن الأهالي المحليين هاجموا سجن وادي النطرون لتحرير أقربائهم فهربوا وسط الفوضى العارمة.
وقد صرّح أحمد عارف المتحدث باسم جماعة الإخوان عبر بيان ألقاه أن التحرك نحو إدانة مرسي يظهر ' إفلاس قادة الانقلاب الدموي'. وأضاف أن المصريين سيرفضون 'عودة نظام أمن الدولة الديكتاتوري وجميع أنواع الاستبداد والطغيان واللصوصية المنضوية تحتها'.
لكن تقارير التحقيقات مع مرسي تشير إلى أن الجيش تتملكه غاية طموحة لتقويض جماعة الإخوان التي نشأت منذ 85 عاما. ومن المرجح أن تجلب خطوة حظر الجماعة مجددا ردة فعل معادية من الإسلاميين. وأعرب أحد المسؤولين البارزين بالإخوان ألا وهو محمد البلتاجي عن رأيه بالتقليل من شأن خطوة كهذه حيث صرح لوكالة أسوشيتد برس من موقع تظاهر الجمعة الرئيس في شرق القاهرة قائلا: 'بإمانهم أن يحلوا الجماعة كما يريدون، فهم يقومون بحل البلاد بأسرها الآن'.
وصرّحت شخصية أخرى من الإخوان عن الحظر الجديد 'أن الجماعة لا تستبعد ذلك' لكنه حذر أن تداعيات ذلك ستشكل 'مرحلة مأساوية ستنتهي بسقوط السيسي'. واشترط بتصريحه عدم الافصاح عن هويته حيث أن الجماعة لم تخوله بمناقشة نتائج الحظر.
وزعمت جماعة الإخوان أن الجيش يهدف إلى سحق التيار الإسلامي بعد الانقلاب العسكري، وهو ما تصفه الجماعة وحلفاؤها بأنها مساعٍ لتدمير الديمقراطية المصرية. حيث عزل السيسي مرسي بعد أربعة أيام من المظاهرات الحاشدة المضادة له من ملايين المصريين.
ويبدو تسلسل أسئلة التحقيق الذي وجهه الجيش أنه يهدف إلى إثبات أن الجماعة السرية تجاوزت كثيرا وضعها القانوني كمنظمة غير حكومية ينحصر نشاطها في العمل الديني، ووضعت نفسها فوق القانون.
وقال المسؤولون أن ضباطا من مخابرات الجيش استجوبوا مرسي استجوابا مكثفا حول نشاطاته كرئيس. ومن ضمن هذه المواضيع محادثاته مع القادة الأجانب خلال رحلاته الخارجية وعلاقاته مع تركيا وحليفة الإخوان الكبرى قطر ومع حكام غزة وحماس، حسب هؤلاء المسؤولون. كما أضافوا أن إحدى المنعطفات الأساسية بهذه التحقيقات تتعلق بما إذا قدّم مرسي معلومات حساسة في الدولة إلى الحلفاء الإسلاميين أو إلى الإخوان.
وتركّزت مجموعة اسئلة أخرى على التمويل شديد السرية الذي تتلقاه الجماعة وقنوات تمويلها في الخارج.
وقد لاحظ أحد كبار المسؤولين العسكريين حدثا حصل مباشرة بعد تولي مرسي الرئاسة في الثلاثين من يونيو عام 2012، كإشارة على مدى ارتباط الإخوان مع الرئيس، حيث أحضر مرسي معه 19 عضوا من القيادات العليا للإخوان للاستماع إلى أول تقرير عرضه مدير المخابرات العامة آنذاك الفريق مراد موافي. وعندما اعترض موافي على وجودهم لعدم امتلاكهم لأي تصريح أمني، خاطبه مرسي بتودد قائلا: 'لا عليك، ما من غريب بيننا هنا' ، فتابع موافي عرض تقريره، لكنه تجنّب تقديم النقاط الحساسة منه' حسب ما ذكر المسؤول الذي اشترك بالاتصالات بين إدارة مرسي وأجهزة الجيش والمخابرات. وبعد ذلك بأسابيع، أقال مرسي موافي.
وقد رفض مرسي، البالغ 61 عاما من العمر، مبدئيا الردّ على أسئلة المحققين، إلا إنه تعاون بحذر مع مرور الوقت، حسب مسؤول عسكري مطّلع على سجلات التحقيق. وعلى الرغم من ذلك، أعلن مرارا على مسار التحقيق أنه لا يزال رئيس مصر الشرعي، كما قال المسؤول. وأصرّ مرارا أنه خدم مصالح مصر العليا بكل ما أوتي من جهد، لكنه واجه العراقيل من قبل 'الدولة العميقة'، وهي العبارة التي يستخدمها المصريون للإشارة إلى المؤيدين لمبارك والقوى المتحصنة بالجيش وقوات الشرطة ومؤسسات الدولة.
ويحرص مرسي على الالتزام بالصيام خلال أيام شهر رمضان المبارك، وعندما لا يكون خاضعا للتحقيق يقضي وقته بالصلاة وقراءة القرآن، كتاب المسلمين المقدس. وهو يثبت موقفه بالصلاة جهرا، داعيا معونة الرب على 'من ظلمه'، حسب ما ذكر عدد من المسؤولين.
وذكر المسؤول المطلع على سجلات التحقيق أنه عندما يواجَه مرسي بالوثائق والتسجيلات الصوتية فإنه يرد بقوة وانزعاج، ويقول إن على المحققين أن يتعاملوا معه حسب الاحترام الذي يستحقه كرئيس.
وعلق مرسي ساخرا بمكان آخر من سجلات التحقيق على مستجوبيه بأنه لا يرى معنى من سؤاله أية أسئلة طالما أن لديهم تسجيلات مرئية وصوتية لكل شيء قام به منذ توليه الرئاسة، كما ذكر ذلك المسؤول.
ومن المسائل الأخرى التي تعرّض مرسي بسببها للتحقيق إصداره عفوا عن عشرات المسلحين الذين كانوا مسجونين لقيامهم بعمليات عنف. وذكر المسؤولون أن الجيش يجزم أن عديدا منهم انتقلوا لسيناء وكوّنوا خلايا جهادية تضم متطرفين من الخارج. ويقوم المحققون العسكريون بذات الإطار بالتحقيق مع مرسي بشأن محاولته منع الجيش من مطاردة مسلحين على خلفية قتلهم لستة عشر جنديا من الجيش العام الماضي في موقع بعيد في سيناء قرب الحدود مع غزة وإسرائيل.
وكان مساعدو مرسي يصرّحون خلال مدة رئاسته أنه يعمل على الابتعاد عن التوجه لشن حملات قمع أمنية في سيناء، مفضلا اللجوء للتفاوض لتخفيف حدة عدم الرضى ما بين الناس هناك. بينما اتهمه خصومه بحماية الجهاديين.
وقد اعتُقل خمسة من قياديي الإخوان إلى جانب مرسي فضلا عن توجيه مدعون عامون لهم اتهامات متعددة منها إثارة العنف، فيما تتوفر مذكرات إلقاء قبض على أكثر من عشرة آخرين ولم يعتقلوا بعد.
تعليقات