الديين يرثي المحارب عبر ((الآن))

وفيات

استراحة المحارب الأبدية بعد مسيرة عطرة من الوطنية والتضحيات

5600 مشاهدات 0


 

استراحة المحارب... الأخيرة!
بقلم: أحمد الديين
 لئن كان يحق للمحارب أن يستريح بعض الوقت... فإنّ حياة المناضل الكويتي التقدمي المرحوم راشد المحارب شهدت بعض استراحات مستحقة أو متقطعة على درب الكفاح الطويل الذي بدأه في أوائل الستينيات داخل الكويت وخارجها، إلى أن حانت أخيراً استراحته الأبدية، فغادرنا تاركاً لنا ذكراه... فرحمه اللّه وغفر له.
 المرحوم راشد حمد المحارب الهين المطيري، مناضل كويتي تقدمي بدأ الخطوات الأولى لمسيرته الكفاحية في إطار حركة القوميين العرب، وعندما شهدت انقسامها التاريخي في أعقاب هزيمة حرب يونيو 1967، اختار المرحوم المحارب أن يصطف يساراً، حيث تمّ انتخابه عضواً في قيادة 'الحركة الثورية الشعبية'، التي ناضل في صفوفها، وكانت له مساهمته في الاحتجاج على تزوير الانتخابات النيابية في الذكرى الثانية لجريمة التزوير في 25 يناير من العام 1969، وقبلها كانت له مساهمته في معارضة زيارة شاه إيران إلى الكويت في خريف 1968، واستمر يشارك في القيادة الجماعية للحركة إلى أن تعرضت إلى ضربة اعتقالات مايو 1969، حيث لوحق بهدف القبض عليه، ولكنه تمكّن من الاختفاء، ثم نجح في مغادرة وطنه الكويت سراً إلى الإمارات، حيث أقام في عجمان... وعندما جرت محاكمة أعضاء التنظيم أمام محكمة أمن الدولة في الكويت في القضية، التي حملت اسم ورقم 'قضية أمن الدولة رقم 670/1969 (14 سنة 1969 المدينة' المتهم فيها ناصر الغانم وآخرون بينهم كاتب هذه السطور، إذ كنت المتهم الثالث فيها، وكان المرحوم راشد المحارب المتهم السابع، وقد تمّ الحكم عليه غيابياً بالحبس لمدة أربع سنوات مع الشغل، بعدما تمت تبرئته من التهمة الباطلة بالشروع في القتل. 
وواصل المرحوم راشد المحارب نشاطه النضالي في الإمارات ضمن إطار تنظيم 'الحركة الثورية الشعبية في عمان والخليج العربي'، ولم يسلم هناك من الاعتقال، الذي نجا منه في الكويت، فكان أن تمّ اعتقاله في الإمارات مع رفاق آخرين أواخر العام 1972، وبعدها جرى تسليمه إلى السلطات الكويتية، حيث تمّ حبسه وتقديمه إلى محكمة أمن الدولة، وبعد صدور الحكم الحضوري النهائي عليه تفضّل المغفور له صاحب السمو الشيخ صباح السالم الصباح أمير الكويت حينذاك فأصدر مرسوماً بشموله بالعفو عن باقي مدة العقوبة، الذي سبق أن تفضّل به الأمير على الرفاق المحكومين حضورياً في القضية ذاتها بعدما أمضوا نحو تسعة أشهر في معتقل أمن الدولة بالقبلة ثم في السجن المركزي... فخرج المرحوم راشد المحارب من السجن، وتدبّرنا أنا والزميل عبداللطيف الدعيج أمر اشتغاله معنا في جريدة السياسة مديراً للتوزيع والاشتراكات، حيث كنا نعمل فيها محررين وكاتبي مقالات، وكذلك كان الأمر مع المرحوم الدكتور أحمد الربعي بعد الإفراج المماثل عنه، عندما التحق بجريدة السياسة محرراً وكاتب مقالات... وهنا أسجل للزميل الأستاذ أحمد الجاراللّه أريحيته، بل شجاعته عندما وافق على اشتغالنا في جريدته ونحن محكومين وسجناء سياسيين بعد الإفراج عنا؛ وإفساحه المجال أمامنا للتعبير عن آرائنا على صفحاتها.
وبعد عودته واصل المرحوم راشد المحارب دربه النضالي، حيث شاركنا أنا والمرحوم الدكتور أحمد الربعي وآخرين في العام 1973 في عملية تأسيس تنظيمي 'حزب الشعب الديمقراطي' وواجهته الوطنية 'حركة العمل الديمقراطي'، التي كان نظامها الداخلي ينصّ على أنّها: 'تنظيم وطني ديمقراطي يعبّر عن مصالح الطبقة العاملة والمتوسطة، من أجل إنجاز مهام المرحلة الوطنية الديمقراطية لتحقيق الاستقلال الاقتصادي من سيطرة شركات النفط الاحتكارية وتحقيق الديمقراطية وإشاعة العدالة الاجتماعية...'.
وبعدما غادرت ذلك التنظيم في أواخر العام 1973 إلى تنظيم تقدمي آخر بسبب تباين الخيارات الفكرية والسياسية والتنظيمية، تواصلت الصلة الرفاقية بيني وبين المرحوم راشد المحارب، ثمّ تعززت تلك الصلة أكثر فأكثر عقب توقف نشاط 'حزب الشعب الديمقراطي' وواجهته الوطنية 'حركة العمل الديمقراطي'.
ولاحقاً، في العام 1978 شارك المرحوم راشد المحارب في تأسيس 'التجمع الديمقراطي'، الذي ضمّ في صفوفه التنظيمات التقدمية والوطنية الكويتية في مواجهة الانقلاب الأول على الدستور. 
وعندما تعرضت الكويت إلى محنة الغزو وكارثة الاحتلال حرص المرحوم راشد المحارب على الصمود داخل الوطن... وفي سبتمبر من العام 1990 جرى اعتقاله مع العديد من العناصر الوطنية الكويتية في ديوانية الأسير الشهيد الوطني الكويتي الكبير المرحوم فيصل الصانع، النائب السابق عن دائرة كيفان، وتمّ نقل المعتقلين إلى العراق، ثم أفرجت سلطات الاحتلال عن عدد منهم، وبينهم المرحوم راشد المحارب، في ديسمبر 1990.
وقد عانى الفقيد أمراضاً مزمنة لم تؤثر على روحه المعنوية، وإن أَثَّرت على نشاطه وقدرته على الحركة، ولكنه استمر أميناً لمبادئه ووفياً لأفكاره الوطنية والتقدمية والديمقراطية... إلى أن غادرنا مساء الأربعاء ليلة الخميس 28 على 29 أبريل الجاري ليمضي استراحته الأبدية... استراحة المحارب.

 للمزيد أنظر:

http://www.alaan.cc/pagedetails.asp?nid=51443&cid=39

و

http://www.alaan.cc/categorypage.asp?cid=72

أحمد الديين-مقال خاص لجريدة الآن الإلكترونية

تعليقات

اكتب تعليقك