سعود الناصر مطالب بقيادة عملية الإصلاح

محليات وبرلمان

هل بمقدوره أن ينجزها وسط فساد مستحكم ومسيطر؟!

4845 مشاهدات 0

الشيخ سعود الناصر

قراءة في حديث الشيخ سعود الناصر الصباح: 


للمرة الثانية جمعتني جلسة حوارية مع الشيخ سعود الناصر الصباح في حديث من القلب إلى القلب ، و في أخرى أيضا جمعتني مع الشيخ الدكتور محمد الصباح وزير الخارجية بديوان الزميل زايد الزيد في منطقة الفحيحيل و في تلك الجلسات كانت تدور أحاديث كثيرة عن الشأن العام ،  و ما خلصت به من تلك الجلسات التي جمعتني من هؤلاء الأقطاب الذين تبوؤوا مناصب غاية بالحساسية زاد بشعَري الشيب ، صحيح أن الجامع المشترك بتلك الجلسات هي الأحاديث الصريحة ، فمن المعروف عن تلك الجلسات التي تدور بين أقطاب من الأسرة الحاكمة و الشعب غالبا من تكتنفها المجاملة ، إلا أن تلك الجلسات خلت حقيقة من المجاملة و ارتقت حد الصراحة المطلقة.

قد يكون لكل مقام مقال و لكل نوعية ما يطربها من لحن إلا انه  في الجلسة الأخيرة التي جمعتنا مع الشيخ سعود بديوان الزميل الفاضل الدكتور سعد بن طفلة لم تكن هناك مجاملة شعرت بها، و لم تكن هناك أي إشارات يمكن أن يرصدها المراقب لتلك الجلسة تشير إلى ذلك ، لا بل كانت الصراحة المطلقة ، و لا شك لدي بأن الكثيرين قد قرأو ما تناوله الشيخ سعود و الذي نشر بجريدة و لكنهم  لم يشعروا بتلك الأحاسيس كما هي على الواقع.

ما أود التطرق له في هذه القراءة المتأنية بهذه النوعية من الجلسات يمكن أن يختلف عما تم التطرق له بتلك الجلسة ، فمن الملاحظ بتلك الجلسات رغم أنها صريحة و استطيع الجزم بأن الحاضرين عبروا عن ما يجول بخاطرهم من هموم و مخاوف مستقبلية مما يكتنف الدولة من إرهاصات و خوف على المستقبل و يأس نتيجة للسياسات التي تتبعها الحكومات المتعاقبة على السلطة بالكويت ، إلا أني  اعتبر ذلك  تحصيل حاصل مع الأسف الشديد ، لان الاتفاق واضح على كل ما طرح لا بل خصوصا الشيخ سعود عبر عن رأي أكثر صراحة مما عبر عنه المتحدثون و أنا احدهم.

و السؤال الذي يطرح نفسه طالما أن حديث أبناء الأسرة لا بل أقطاب بها كلهم يجمعون على تردي الأوضاع ، أذن من يمكنه أن يحاول تعديل الأوضاع أو تصحيحها ؟ أنا شخصيا طلبت من الشيخ سعود بأخر اللقاء أن يقود عملية الإصلاح، و لكن هل بمقدوره أن يقود عملية إصلاح وسط فساد مسيطر و مستحكم في الكثير من المفاصل ؟ ، سؤال لاشك أن إجابة بسيطة و هي نعم ، و لكن الأصعب يكمن في الرغبة التي يمكن أن تنمى لدى الشيخ سعود تحديدا.

و أنا هنا لا أضعه في فوهة المدفع و لا أريده أن يضع نفسه بهذه الفوهة ، و لكن ما نريده منه أن يظهر على السطح أكثر و يقول ما قاله في الجلسة الأخيرة أمام مرأى و مسمع من الشعب ، بصراحة أكثر لم تعد تلك الجلسات قادرة على امتصاص النغمة الشعبية و الإحساس و الشعور بعدم الاستقرار، و لم تعد ديمقراطية الغرف المقلقة تجدي نفعا و أنا هنا استعير تعبير ديمقراطية الغرف المقلقة من احد الساسة العرب الذي أطلق هذا المصطلح أبان فترة حل مجلس الأمة في فترة ثمانينيات القرن الماضي عندما زار الكويت و جال في دواوينها و اكتشف أن الشعب يتكلم بكل حرية  من دون وجود مجلس امة و الحياة السياسية معلقة، إلا أن تلك الحرية تقف على عتبات الديوان و هذا ما دعا ذلك السياسي يطلق مصطلح ديمقراطية الغرف المقلقة.

 و ها نحن نرى الكويت تنزلق من بين أيدينا كما ينزلق الزيت من بين الأصابع ، و نتحدث و نتذمر دون أن تلوح لنا بارقة أمل ، هذه هي الحقيقة يا شيخ سعود نثمن لك صراحتك  و لكن ما نراه على ارض الواقع و من خلال السياسات الحكومية لا يبشر بخير و كما قلت بذلك اللقاء أنا لست بطبعي متشائم و لكن اقرأ الواقع و أتوقع المستقبل على ضوء تلك السياسات التي لا شك لدي بأنها سوف تصطدم بحائط اسود لا بل نحن نسير في نفق مظلم لا نور يبزق لنا في أخره وسط اضطراب إقليمي و دولي متواصل مما ينبئ بخسارة الكل دون أن نضمن  تعويضها كما حدث في عام 90 .

و ما أود قوله و أوأكد عليه في هذه القراءة المتأنية أن التبرير الوحيد المنطقي كما أره أن تلك السياسات غير الموزونة بالدولة و ذلك الاضطراب الواضح و الشعور بعدم الاستقرار و الخوف من المستقبل الذي ينتاب الجميع و الشعور بأننا نعيش بدولة مؤقتة هو الذي يبرر أتباع تلك السياسات ، و على ذلك فأن فقدان الرؤية و الأمل و عدم أتباع سياسات لا تحافظ على الأمن و السلم الاجتماعي و استفحال الفساد و معاقبة الحريصين على امن و استقرار و مستقبل الدولة لها ما يبررها أذن ، لذلك فأن دور الشيخ سعود و الشيخ محمد و بقية الأخوان المخلصين بالدولة طالما أن من كانوا يدافعون و يوصلون الرأي السديد  أصحاب الدور التاريخي و العوائل المخملية كما اسماها احد الأقطاب قد تخلت عن دورها التاريخي  و اسماهم الشيخ سعود أصبحوا قوم مكاري فأن الرحم الكويتي الذي استطاع أنجاب قادة رأي و ساسة طوال تاريخه لن يبخل علينا بولادة قادة جدد يقودون المرحلة السيئة التي نمر بها إلى بر الأمان ، لا بل الرحم الكويتي قادر على تصحيح الوضع الراهن المجمع عليه من كافة الفرقاء بأنه أسوء مما مر على الدولة طوال تاريخها.

المراد من هذه القراءة هي الرسالة الواضحة للشيخ سعود و الشيخ محمد و الكثير من أبناء الأسرة الكريمة الذين نتوسم بهم كل خير بأنكم غير معفيين من المسؤولية التاريخية طالما أنكم تتفقون مع الشعب الكويتي و تلتقون به بالدواوين و تناقشونه و تتفقون معه على سوء المرحلة الحالية ، صحيح أنا شخصيا طلبت من الشيخ سعود أن يقود عملية الإصلاح على مرأى و مسمع من الجميع إلا أني لا اعفي نفسي أولا و ثانيا مثقفي الكويت و كتابها و ساستها من تلك المسؤولية التاريخية ، الكويت اليوم يا سادة بحاجة إلى أبنائها أكثر من أي وقت مضى و لا أريد أن أصل لمرحلة أقول بها أن تلك الزيارات و النقاشات ما هي إلا جزء من عملية مخطط و مدبر لها لامتصاص نغمة لم  يعد الأصم قادر على رد طنينها على طبلة أذنه فهل تصل رسالتي لمثقفي الكويت و أبناء الأسرة الكريمة هذا ما آمله. 
 
                                      أنور الرشيد

الأمين العام لمظلة العمل الكويتي – معك-

أنور الرشيد- الأمين العام لمظلة العمل الكويتي

تعليقات

اكتب تعليقك