توفير علاج المواطن ليس هو ما يعوض عجز الميزانية.. كما يرى ماجد بورمية

زاوية الكتاب

كتب 641 مشاهدات 0


الجريدة

لماذا يسيس 'العلاج بالخارج'؟!

ماجد بورمية

 

يجمع علماء القانون والفكر السياسي على أن الدستور هو الوثيقة الرسمية بين الحكومات والشعوب، وفيه تتحدد ملامح حقوق الأفراد وواجباتهم، وما عليهم من التزامات تجاه دولهم، وبالنسبة إلى الكويت فقد أوضح دستورنا بدقة كل ما يتعلق بالخدمات التي تكفلها الدولة لمواطنيها.
وفي مقالتنا هذه نتكلم عن واحدة من هذه الخدمات، وهي تقديم الرعاية الصحية للمواطنين حسبما جاء في المادة 11 من الدستور الكويتي التي أكدت ضرورة كفالة الرعاية الصحية للمواطنين، ولهذا نستغرب عندما تتلاعب الحكومة بين وقت وآخر بورقة العلاج في الخارج كما يحدث الآن، ونراها تدعو علانية إلى تقليصه بحجة ترشيد الهدر في ميزانية الدولة.
وقبل كل شيء نذكّر الحكومة بالحكم القضائي الصادر عن المحكمة الإدارية في مطلع عام 2014 بتمكين أحد المواطنين من العلاج في الخارج، ولهذا على الحكومة أن تتوقف عن التلويح بتقليص هذا النوع من العلاج بحجج واهية، فتوفير علاج المواطن ليس هو ما يعوض عجز ميزانية الدولة، خصوصا أننا جميعا ندرك تماما أن الحكومة هي المتهمة بهدر المال العام في كل الجوانب.
ولهذا عليها أن توقف عملية تسييس قضية العلاج في الخارج بهذا الشكل الذي يؤذي مشاعر المرضى من المواطنين وذويهم، فكفى استهتارا وتلاعبا بأعصاب المواطن، فكلنا نعي جيدا أنها تستغل ورقة العلاج في الخارج كرشوة سياسية تقدمها لمن ترضى عنهم من النواب الذين يغردون دائما في صفها، وحتى لا يجرؤ أحدهم على فتح ملفات الهدر والفساد في الخدمات الصحية.
ومما يثير الاستغراب والدهشة أن الحكومة أعلنت مؤخرا أنها ستستعين بالمراكز الطبية الداخلية لعلاج المواطنين، وهذا الأمر بحد ذاته اعتراف رسمي بفشلها في إدارة الخدمات الطبية في البلاد! ولو كان مجلس الأمة الراهن مجلسا رشيدا لحاسبها على ذلك، ولكن مع شديد الأسف ليس له صوت لمصلحة الشعب، وإذا خرجت منه بعض الأصوات تبدو كأنها مع مصلحة المواطن فهي أصوات مفتعلة لحفظ ماء الوجه، حتى يقال إن في هذا المجلس معارضة، لكنها معارضة هشة ديكورية لا تنطلي على المواطن، ونقول لهؤلاء الحكمة القائلة: 'من السهل أن تضحك على الناس بعض الوقت، ولكن من الصعب أن تضحك عليهم كل الوقت'.
وكان الأجدر بالحكومة الرشيدة قبل أن تطالب بتقليص العلاج في الخارج أن توفر البديل عن طريق إنشاء مركز طبي في الكويت بمواصفات عالمية تستقطب فيه أمهر الأطباء في العالم، حتى لا يتحمل المواطن مشقة السفر، كما فعلت الإمارات العربية المتحدة وغيرها من دول مجلس التعاون الخليجي.
 أخيراً نقول: عندما يغيب الرجل المناسب عن المكان المناسب، فلن تجد سوى الفشل الذريع في المؤسسات الحكومية، اللهم هل بلغت اللهم فاشهد.

الجريدة

تعليقات

اكتب تعليقك